صفحة من رواية لم تسمى بعد

مقتطع من الفصل السابع

الأسماك أصابت المدينة بالهلع. فقد ظلت السماء تمطر سمكاً حتى صباح اليوم التالي.. فانتابت المدينة فوضى من نوع جديد.. هناك من قرر الهروب من هذا العبث في بيته.. فأن تموت لأن سمكة بلطية سقطت على رأسك من السماء لهي موتة مخجلة.. و هناك من قرر – كالعادة – أن يحول المطر السمكي إلى سبوبة.. فظلوا يلملموا في السمك.. الذي لا يزال على هيئته ليتم بيعه كما هو و من تهشم ليتم تحويله إلى فيليه. و بالطبع هناك من قُتل في محاولة جمعه لأكبر قدر من الأسماك.. و هناك صيادين في الماء غرقت قواربهم و غرقوا معها.. فهم مستعدون لصيد الأسماك من تحت الماء و ليس من السماء.. فالمطر أنهك الكثير من القوارب صغيرة الحجم حتى دخلتها المياة فغرقت القوارب. و هي أيضاً موته مخجلة.. أن تذهب لصيد السمك فيصطادك هو.

وهناك من مشى في الشوارع صارخاً بأقسى ترددات في حنجرته بأن هذا هو النذير و إن الطوفان قادم و الساعة بعدها.. و كان هناك العشرات مثله في الشوارع و آخرون في الإعلام.. كيف تمطر سمكاً و لا يهري الجميع! بل أنه قد جاء المحلليين السياسين لينظرّوا في وجوب استغلال الثروة السمكية الجديدة و كما إن مصر هبة النيل فأيضاً مصر هبة السمك.. و أصر على رأيه دون أن يدرك دونية مصر من منظور هذا الرأي.. لكن هذة أقل مشكلة إدراكية يواجهها.. و خبراء استراتيجيين عسكريين يحكون عن مؤامرات.. “إن هذة الأسماك معبئة بكاميرات تجسس أو فيروسات قاتلة أو كاميرات تجسس و فيروسات قاتلة و لابد إنها طرف من مؤامرة خارجية جائت لتلهي الشعب عن مداومة عمله فيصيبنا الكساد و الإنحلال الأخلاقي و إنها لابد و أن تكون مؤامرة أمريكية-اسرائيلية على الدولة و القوات المسلحة .. و توقف هنا ليكرر المشايخ و القساوسة نفس الكلام و يزيدوا عليه إنها مؤامرة على الإسلام و المسيحية.. و بالطبع القساوسة قالوها بنفس الترتيب.. الإسلام و المسيحية .

كما ندب لاعبي الكرة و كل من يحيطهم من أجل السبوبة حظهم.. فلابد أن السمك قد فتك الملاعب فتكاً. و خرج المثقفين يهللون و يزمجرون فالأول يقول أن ما حدث هو تطبيق علمي نادر لنظرية شرودينجر و الآخر قال إنه اختبار بيتشدل دون أن يعلم حقاً ما هو و آخر قال إنها تطبيق يطيح بالنظرية النسبية الخاصة و قال رابع إن المطر السمكي لهو إثبات جديد لفشل نظرية التطور – الفاشلة أصلاً – “و ذكر آية قرآنية ما” و قال خامس أن ما حدث لهو أبهى تجلي لعبقرية نظرية أم ترتر.. أنا شخصياً أؤيد الرأي الأخير.

و لطالما كنت قنوع.. فلم أكن أريد أي شيء من دولتهم السمكية إلا زجاجة بولوناكي خمسمية..

لابد أن هناك شخص عاقل في مكان ما.. ربما كان الأخير من قتلته.

Leave a comment